عبد السلام حاج بكري
خطوة استباقية كنت اقترحتها قبل عام تماما في المادة التالية، وكانت لزاويتي في جريدة زمان الوصل، بحثت عنها في موقعها لكني لم أعثر عليها ولم تعد الذاكرة تسعفني إن نشرتها أم لا في زمان الوصل أو غيره من المواقع التي أكتب لها عادة.
وبما أن العالم قرّر عنّا مصير سورية للمرحلة الأولى بعد الأسد، يمكن لخطوة كهذه “إن قمنا بها” أن تحدث تغييرا فيما تم إقراره علينا، وإن كان السير بها منذ موعد نشرها العام الماضي أكثر جدوى من الآن، لكنها تترك احتمال فتح نافذة في السجن المظلم الذي سنحشر فيه مشرعا، إننا غرقى فلا بأس بالبحث عن قشة.
المادة:
أقتنع منفردا أو مع بعضكم أو جميعكم بأن مؤامرة كونية أفضت بنا إلى ما نحن فيه، ولا داعي للتذكير بحجم الكوارث التي حلّت بنا منذ أن نزلنا للشوارع نطالب بحق حفظته لنا كل الديانات والإيديولوجيات وشرعات حقوق الإنسان.
عندما يتّحد العالم على حرماننا من هذا الحق الطبيعي فهذا يعني أن له غايات لم تعد خافية على أحد ولا ضرورة للتذكير بها، وكذلك يعني أن هناك قيادة لهذا التوجه العالمي ومتحكّما بسير قضيتنا السورية.
نعم، أنها إسرائيل، إنها من ثبّتت حكم الأسد الأب في السلطة ومنحته صبغة الممانعة والمقاومة بعد تمثيلية حرب تشرين “التحريرية”، التي قضى فيها على كل رأس تنهشه فكرة معاداة إسرائيل وإمكانية إقامة حكم وطني يعمل على استعادة الأرض والحقوق في الجولان وفلسطين.
هي من أوعز لحزب الله ومن بعده مرتزقة الشيعة من كل فجّ بقيادة إيران بنصرة الأسد، وألحقتهما بروسيا التي وجدت في قيادتها المافياوية رغبة في المغامرة التمدّدية الاستعراضية، وهي اليوم، أي إسرائيل، من تحرّك الدمى على الرقعة السورية وصولا إلى ما تريد، ونحن بوعي أو غباء أذرع إضافية لأطراف المؤامرة الكونية.
المؤامرة، لفظ يتكرر على ألسنة المهزومين، وبات ممجوجا وذريعة لفشلهم، ولكننا فاشلون حتى اللحظة، وتكرارنا له إقرار بالهزيمة، ولكن، أما من حلّ لفكّ شيفرة هذه المؤامرة، وتفكيك أسبابها وتغيير مسارها ونتائجها.
حتى اللحظة أبدع متصدّرو المشهد السوري في الغباء، والسرقة، والتسلق، وعلى كل اتهام عشرات الأدلة، أتركها لكم، وفي هذا أنا متأكد من أنكم لن تجدوا صعوبة في إيجادها، ماذا فعلوا لمواجهة المؤامرة، بكل وضوح، أقول إنهم شاركوا فيها، وكانوا أعداء لأنفسهم وقضيتهم، وبات كل فصيل عسكري ذراعا لأحد أطراف المؤامرة، أما القيادات السياسية المعارضة فهي بكل سلبيات شخوصها وضحالة فكرهم أقلّ من أن يكونوا أداة، بل هم أصغر من دمى، يتلفّظون ميكانيكيا بما يريد دافع الراتب ومانح الامتيازات، أما بشار الأسد فهو أداة الدولة العبرية عن وعي تام وبتنسيق مباشر لم يعد خافيا على أحد.
المآل: لإسرائيل مصالح من حاكم سورية ومتطلبات منه، ونحن نتفرّج على الحاكم يقدّم لها ما تريد، وقد خسرنا كل شيء، أليس كذلك، إذا، وقد بتنا عراة أمام قضيتنا، هل نستمر في الموت والجوع والتشرد، وندّعي تمسّكنا بقضية لا نفعل لأجلها شيئا، ونتباهى بصمودنا اللفظي، أم نبادر؟
دعونا نبادر، بما أننا أضعف من أن ندوس إسرائيل، رأس الأفعى، تعالوا نرسل لها سائلين عما تريده لتوافق على إزاحة هذا المجرم، ووقف حمّام الدم ونزيف الألم، لا شك أنها ستدرس أي مقترح يقدّم لها، لأنها لا تقبل أن توصف بأنها حامية أكبر مجرم بحق شعبه في التاريخ، عدا عن أنها تعتمد على الأتباع الأقوياء فقط، وهو بات هزيلا، ألا ترونها تسند رأسها لحزب الله.
لا أطرح أن نكون كهذا أو ذاك، بل كطرفين يتقاسمان العداء والحدود، إذا ما كفل أحدهما للآخر أمنه، وعمل على تحصيل حقوقه وفق القانون الدولي فقد يكون هذا بابا يفتح بطريق خلاصنا.
لنا الجولان، الأمم المتحدة تعترف بذلك، وهي الطريق لاسترجاعه إن كان هناك أمل بذلك، لأننا لا نملك خيارا آخر -طبعا لا تلتفتوا لصراخ من يدّعون استعادة الحقوق بالسلاح فهؤلاء إما يكذبون على أنفسهم أو مفصولون عن الواقع، أما فلسطين، فيمكننا مساعدة أخوتنا فيها عبر السياسة، وهم تحولوا إليها منذ اتفاق أوسلو.
الحكاية ببساطة، علينا نفض الشعارات الفارغة والتفكير بواقعية حيال قضيتنا السورية أولا، وعلاقاتنا بجوارنا ومنها الدولة العبرية.
يمكن أن نرسل ورقتنا لإسرائيل عبر أي دولة أخرى، وإن كان اللقاء المباشر أفضل وأقصر، لكن الحاجز النفسي يجعل ذلك صعبا تقبّله، غير أن أهم ما في القضية أن يتم عرض الرد الإسرائيلي على السوريين للتعبير عن رأيهم به، وهناك عشرات الطرق لذلك.
وفي النهاية، إن كان ما تريده إسرائيل أكثر مما نستطيع تقديمه، بكل بساطة نرفض ونتوقف، ما الذي سنخسره، إن في المحاولة حراك، وهذا خير من اللا حراك.