عبد السلام حاج بكري
بعد منتصف ليل آخر يوم في أيلول من عام 2019، وفي الذكرى السنوية الرابعة لتدخّل روسيا لإنقاذ الأسد، رسالة واحدة تصل إلى قادة الدول الفاعلة في العالم، “عليكم الاجتماع في باليرمو الساعة السابعة صباحا”.
حضروا على عجل، هذا بالبيجاما، وذاك لم يسرّح شعره، وآخر لم يغسل وجهه، لا أحد يتجرأ على التأخر لحظة واحدة، جلسوا في القاعة، دقت السابعة، دخل “المعلم”، قال: أوقفوا لعبة سوريا، أعطوا شيئا للمعترضين وكل شيء للنظام.
الرئاسة الدورية للاجتماع بحوزة أمريكا، والحضور هم قادة أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا وروسيا والصين وتركيا واسرائيل، ترامب يتأكد من مغادرة “المعلم”، يتنفس بعمق ويعود لكرسيه.
ترامب: العمى بهالحالة، ما كان بيقدر يخبّرنا اللي بدّو ياه برسالة بدل ما يجيبنا كرفتة، وعلى هالموضوع المهم كمان، افففف.
نتنياهو: خلونا نقرر شو نعمل، بدنا نرجع ننام.
ترامب: أي شو نسوّي برأيكم؟
ماكرون: نشيل بشار ونجيب واحد متلو بالضبط.
جونسون: وشو نعطي المعارضة؟ برأيي نعطيها منصب رئاسة الوزراء.
بوتين: صحيح، هيك منعطيهم شي، وما مناخد شي من النظام متل ما بدو المعلم، رئيس الوزراء مو أكتر من موظف صغير.
ترامب: موافقين؟
جين بينغ: ليش فينا نعترض؟
ترامب: ارفعوا إيديكم… الكل موافق.
ترامب: ومشان المصالح والنفوذ على الأرض، شو طلباتكم.
بوتين: أنا دفعت كتير وقليل بسوريا، بدّي تتنفذ اتفاقاتي مع بشار، قاعدة حميميم وميناء طرطوس والفوسفات والتنقيب بالمياه الإقليمية.
أردوغان: وأنا دفعت كتير، واستقبلت كتير نازحين، بدّي ابعد زعران البي واي دي عن الحدود، وبدّي حلب تحت نفوذي، ونفتح طريق الترانزيت عالأردن والخليج، اختنقنا يا جماعة.
ماكرون: بدّي نعزز تعليم اللغة الفرنسية بسوريا.
جونسون: بدّي تبقى علاقة النظام بالأردن ممتازة، وما يسكر الحدود أو يقطع المي عنها.
جين بينغ: افتحولنا سوق لتصدير بضائعنا، رخيصة، والسوريين بحبوها.
فيليب السادس: متل العادة، أول زيارة للرئيس الجديد تكون لعندي، الطقوس والتقاليد، بتعرفوها منيح.
ترامب: تكرم فيليب.
جوزيبي كونتي: سكّروا طريق التهريب البحري، ما بدّي لاجئين أبدا.
ميركل: بدّي نتفق على إعادة إعمار سوريا وتعويض المتضررين.
ترامب: وانت مستر نتنياهو، أكيد بدّك أمان الحدود، لا تاكل همّ بقطع ايد اللي بقرّب عليها، وبدّك الجولان، رح نعترفلك فيها.
نتنياهو: ماعندي شك بهالشي، بس عندي شغلة صغيرة، بدّي ضمّ جبل الشيج لعند “بيت جنّ”، فيه شوّية مي، ونحن عندنا نقص.
ترامب: تكرم حبيب، مقدور عليها.
ترامب: وأنا بدّي استثمر النفط، شغلة بسيطة، بس شو مشان مقاتلي المعارضة وجبهة النصرة وداعش والبي واي دي وميليشيات إيران وحزب الله؟
بقترح جبهة النصرة تحلّ نفسها ونضمّ شوية مقاتلين منها ومن المعارضة عالجيش، والبي واي دي نفس الشي، وحزب الله بيرجع على لبنان، لنشوف شو بدنا نسوي فيه بعدين.
بس مشان داعش، برأيي نتركها كامنة، بتلزمنا، ممكن نحتاجها، وميليشيات إيران حاجتها كل شي سرقت، بترجع عبلادها.
ومشان دول المنطقة، منعطي كم قطعة أرض لشيوخ الخليج يبنوا قصور، وخلي إيران تتهنّى بالسيدة زينب، بظنّ هيك خلصنا، بقي شي؟؟
جونسون: ومين بدنا نحطّ رئيس للبلد، ورئيس للحكومة.
ماكرون: هاهاهاه.. كلهم بدهم يصيروا رؤساء، وكل واحد مستعد يكون متل بشار وزيادة، أما رئيس الحكومة فهو موظف صغير، اختاروا واحد أو وحدة يكون حضاري أو تكون حضارية “كيوت” بالظاهر.
بوتين: خيّو الاختيار شغلة فاضية، مو مستاهل نضيّع وقتنا عليها، وبرأيي نترك باقي التفاصيل بيشتغل عليها وزراء الخارجية، شو بس مندفعلهم رواتب عالفاضي.
ترامب: حدا عندو شي اعتراض أو ملاحظة….. بما انكم سكتّوا معناها اتفقنا، يالله، تشاو تشاو..
وهكذا انفض الاجتماع بعدما اتفق أصحاب القرار وليس أصحاب الشأن على المصير المرحلي لسورية.
قد يتساءل البعض عن سبب عدم تنفيذ المقررات حتى اللحظة، والجواب أن وزراء خارجية واستخبارات هذه الدول أنجزت مفردات الاتفاق واختارت الرئيس ورئيس الحكومة، وكانوا على وشك الإعلان عن ذلك، وإقراره في مجلس الأمن، لكن وباء كورونا شغلهم، وفور انتهاء الوباء أو احتوائه سيوضع كل ذلك قيد التنفيذ، وقد لا يتجاوز بكل الأحوال الشهر التاسع من هذا العام.