عبد السلام حاج بكري
باقتحامه لقلعة المضيق والقرى التالية في الطرف الشرقي لسهل الغاب يسير جيش الأسد مدعوما بكل آلة الإجرام الروسية الجوية وشذاذ الآفاق من الميليشيات الطائفية بخطى هادئة باتجاه مدينة جسر الشغور.
حاول تكرارا ومرارا الوصول إليها من ريف اللاذقية، لكن عجزه عن اقتحام قرية الكبانة وخطوط الدفاع في ما تبفى من جبلي الأكراد والتركمان، وربما عدم التوافق التركي الروسي وقف حائلا دون التوجه إلى جسر الشغور من جهة الغرب، مما دفعه لمحاولة حصارها واقتحامها من جهة الجنوب.
مسافة قريبة بين ناحية شطحة وقرية جورين أهم معسكرين لجيش الأسد وميليشياته من جهة وجشر الشغور من جهة أخرى، ومع تقدم الغزاة من الجهة المقابلة لسهل الغاب بعد سيطرتهم على القرى غرب جبل الزاوية، تتقارب المسافات وتتقاطع الطرق المؤدية إلى جسر الشغور.
يقتحم النظام على محورين رئيسيين، فمن ناحية يريد السيطرة على خان شيخون كمقدمة لإعادة تشغيل الطريق الدولي الواصل بين حلب وإدلب وحماة وحمص ودمشق، ومن ناحية أخرى يسعى لاحتلال جسر الشغور باعتبارها نقطة مركزية شديدة الأهمية في الوصل بين إدلب واللاذقية وسهل الغاب ومدخل الطرق إلى الحدود التركية.
في السيطرة على جسر الشغور يكون النظام قد قطع خطوة واسعة باتجاه تشغيل أتوستراد اللاذقية إدلب ليتصل لاحقا بطريق دمشق، ولكن إصراره المتواصل على اقتحام جسر الشغور له غايات أخرى، نفسية أولا، قائمة قائمة على الثأرية والانتقامية منها لأنها منذ استيلاء البعث على السلطة وبعده حافظ الأسد وابنه الوريث كعائلة، كانت المدينة جبلا راسخا في المعارضة ومقاومة هذا النظام.
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ارتكب فيها الأسد الأب مجزرة قضت على ثلّة من مثقفي المدينة ومعارضيها من الرجال والشباب المتفتح، لكنها استمرت بهويتها المعارضة، وزاد حقد النظام عليها لأنها شهدت أول انتصار عسكري للثوار على قوات النظام وأمنه خلال الثورة السورية، وكانت نقطة انطلاق للعمل العسكري وعمليات التحرير.
يريد النظام السيطرة على المدينة لكل الأسباب التي ذكرناها، يزيد عليها اليوم أن لديه حجة إضافية، هي محاربته للإرهابيين الذي يدعي وجودهم فيها.
يصعب على النظام السيطرة على المدينة، لأنها محمية بجبال مرتفعة من جهة الغرب فيها مئات الثوار الثابتين المذخّرين، يمكنهم منعه من الوصول إليها “إن قرروا”، وهو يدرك هذه الحقيقة، ويعمل على التوجّه للمدينة انطلاق من هذه الجبال، أي من جهة ثالثة وهي الغرب عبر اقتحام ريف إدلب الغربي وما تبقى من ريف اللاذقية، وهذا يبدو صعب المنال، ولا يمكن أن يتم إذا لم تفرض دولة ما على ثوار ريف اللاذقية الانسحاب.
أوامر الانسحاب وعدم المقاومة تكررت كثيرا وامتثل لها أنصاف الثوار في مناطق عدة، وليس غريبا أن تصدر باتجاه ثوار ريف اللاذقية وإدلب الغربي، لكن ما من شيء يؤكد انهم سيمتثلون للأمر “إن صدر”.